من أعلى درجات الحب وأسمى مراتبه أن تحب الله ورسوله، بل أخبرنا المعصوم
–صلى الله عليه وسلم- أن إيمان العبد لا يكتمل إلا بأن يكون الله ورسوله
أحب إلى العبد من ماله وولده ونفسه، فالحمد لله الذي وهبك حب الله ورسوله،
وتلك نعمة تحتاج إلى شكر، والشكر يكون بالقول والعمل والتزام منهج المحبوب
والسير على خطاه وطريقه
أما كيف نزيد من حبنا لله ورسوله، فهذه قضية عظيمة ويسيرة على من يسره الله عليه -أسأل الله أن يرزقنا وإياك محبة الله ورسوله-:
تذكر
نعم الله عليك، ابتداءً من نعمة الوجود والخلق، إلى نعمة الصحة والعافية،
إلى نعمة الشكل الجميل إلى نعمة الأهل والأصحاب إلى نعمة.... ومن أعظم
النعم نعمة الإيمان والعمل الصالح، فالكثير من البشر يشتركون في نعمة
الوجود ونعمة الصحة والعافية ونعمة جمال الخلق (أحسن تقويم)، ولكن القلة هم
الذين يصطفيهم ربنا سبحانه بنعمة الإيمان، فمن بين أكثر من ستة مليارات
إنسان على الأرض خصك الله بنعمة الإسلام، ثم نعمة العمل الصالح، ثم نعمة
المداومة، ثم نعمة السعي في تطوير وزيادة ذلك الإيمان، ثم نعمة محبته
–سبحانه– ومحبة رسوله، فالحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله، أما حبيبنا
محمد -صلى الله عليه وسلم– فمن أعظم ما نتذكر ليدفعنا إلى حبه تبليغه
الرسالة كما نزلت، وجهاده وصبره ورغبته في نجاتنا، وسعيه في إنقاذنا من
النار، وإدخالنا الجنة بفضل الله سبحانه.
التعرف على صفات الخالق
سبحانه وأسمائه الحسنى، واستحضارها في كل شأن من حياتك، وفي كل صغيرة
وكبيرة، وملاحظتها ومشاهدة آثارها في هذا الكون الفسيح، فالكرم والرحمة
والعظمة والقوة كلها صفات لله سبحانه تدفع العبد على محبة من يتصف بتلك
الصفات الحميدة. أما صفات الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم– فهي صفات
كمال بشري، فمن الحب إلى الكرم إلى البذل والتضحية إلى بشاشة الوجه إلى
الشجاعة إلى المبادرة بالخيرات إلى الصبر الجميل إلى... فيما لا نستطيع
بيانه كاملاً، فما من منصف يقرأ سيرته –صلى الله عليه وسلم– إلا وأحبه.
النظر
والتأمل في مخلوقاته المتنوعة في هذا الكون الفسيح، ودقة النظام الرباني
لهذه المخلوقات والقوانين التي تحكم مسيرة هذا الكون بلا تخبط وبلا أخطاء
وبلا تصادم مما يبين لك شيئاً من عظمة هذا الخالق –سبحانه– وقدرته، ومع هذا
فهو سبحانه حكم عدل لا يظلم أحدًا وهو كذلك حكيم في خلقه .
مراجعة
أعمال الإنسان نفسه، وملاحظته لتقصيره في حق الله سبحانه، ثم هو -سبحانه–
يرحم العبد فلا يعاقبه بل يمهله لعله أن يتوب ويرجع إليه فهو –سبحانه– يحب
التوابين ويحب المتطهرين، فيا سبحان الله عبد ضعيف يعصي القوي الجبار، ثم
هذا القوي يتركه ولا يعاقبه مع قدرته عليه فما أرحمه بعباده.
المقابلة
الربانية، وملاحظة ذلك في الأحاديث القدسية، وكيف ربنا –سبحانه– وهو الغني
عنا يقابل إقبالنا عليه، والأمثلة على ذلك كثيرة منها: قول رسول الله صلى
الله عليه وسلم "يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين
يذكرني، إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم
خير منهم، وإن تقرب مني شبرا، تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعا،
تقربت منه باعا، وإن أتاني يمشي، أتيته هرولة".
وعن النبي صلى الله
عليه وسلم (لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة، ومعه
راحلته، عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومه، فاستيقظ وقد ذهبت
راحلته، حتى اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكاني،
فرجع فنام نومه، ثم رفع رأسه، فإذا راحلته عنده). كذلك أحاديث تبين حب
النبي الكريم –صلى الله عليه وسلم– كما في حديث (إنما مثلي ومثل الناس كمثل
رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في
النار يقعن فيها، فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، فأنا آخذ بحجزكم عن
النار، وأنتم تقحَّمون فيها).
أن تحب الله ورسوله فتلك نعمة
عظيمة، والأعظم منها أن يحبك الله، ولكي يحبك الله دعني أهمس في إذنك بهذا
الحديث: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تعالى قال: من عادى
لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضته
عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه
الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي
بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا
فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته".
فالطريق واضح : الفرائض ثم النوافل فهلا شمرنا وعملنا.